فضل شاكر بين العدالة والسياسة: هل أعادت التسويات تحريك ملفه؟
مثل الفنان فضل شاكر أخيراً أمام رئيس محكمة جنايات بيروت القاضي بلال الضناوي، في أول جلسة استجواب منذ تسليمه نفسه إلى الجيش اللبناني في الرابع من تشرين الأول الماضي، بعد سنوات من الأحكام الغيابية التي صدرت بحقه على خلفية أحداث عبرا في صيدا عام 2013.
الجلسة التي عُقدت وسط إجراءات أمنية مشددة، اقتصرت على استجواب تمهيدي تبلّغ خلاله شاكر لوائح الاتهام وأسماء المدّعين عليه، وحدّد فريقه القانوني الذي سيتولى الدفاع عنه في الجلسة المقبلة المقررة في الخامس عشر من كانون الأول المقبل. وتفتح هذه الجلسة الباب أمام مواجهة مرتقبة بين شاكر والشيخ أحمد الأسير للمرة الأولى منذ تلك الأحداث التي غيّرت مسار حياة الفنان.
القضية لا تقتصر على ملف واحد، إذ يواجه شاكر أربع دعاوى أمام القضاءين العدلي والعسكري، أبرزها محاولة قتل أحد مسؤولي "سرايا المقاومة" في صيدا، والمشاركة في تشكيل مجموعة مسلحة وتمويل تنظيم إرهابي. وفيما يؤكد شاكر أنه لم يشارك في القتال ضد الجيش اللبناني، وأن المسلحين الذين رافقوه كانوا لحمايته فقط، تشير التحقيقات إلى تمويله لجماعة الأسير في مراحل مبكرة من نشاطها.
إلا أن البعد القضائي ليس وحده الحاضر في المشهد. فتحريك الملف في هذا التوقيت أثار تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصاً بعدما بقي راكداً طوال سنوات. مصادر قضائية مطلعة تعتبر أن الخطوة جاءت في سياق "ترتيب ملفات أمنية عالقة"، ضمن مقاربة تسعى السلطات من خلالها إلى تسوية أوضاع داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، وهو ما سهّل عملية تسليم شاكر لنفسه. غير أن مراقبين آخرين يرون أن تسليم الفنان نفسه وتجاوب الأجهزة معه لم يكونا منفصلين تماماً عن حسابات سياسية أوسع، سواء داخلية تتعلق بإعادة ضبط العلاقة بين القوى المحلية في صيدا، أو خارجية مرتبطة برغبة بعض الأطراف الإقليمية في طيّ ملفات قديمة كانت تشكّل مادة توتر دائم في العلاقة بين لبنان وبعض الدول الخليجية.
ومع أن لا أدلة واضحة على تدخل مباشر من أيّ جهة خارجية، فإن تزامن الخطوات القضائية مع تحولات إقليمية أوسع، ولا سيما في الملفين اللبناني والسوري، دفع البعض إلى اعتبار إعادة فتح الملف مؤشراً إلى مناخ جديد من "التسويات الهادئة" التي تشمل ملفات أمنية وسياسية شائكة. ويرجّح أن تكون جلسة كانون الأول مفصلية، ليس فقط لتحديد مصير شاكر القانوني، بل أيضاً لقياس مدى استقلال القضاء اللبناني عن التأثيرات السياسية التي لطالما أثّرت في هذا النوع من القضايا الحساسة.
بين التهم الثقيلة التي يواجهها والمناخ السياسي المحيط بمحاكمته، يجد فضل شاكر نفسه أمام اختبار مزدوج: اختبار العدالة التي يسعى إلى إثبات براءته أمامها، واختبار الرأي العام الذي لم ينسَ صورته الأولى كفنان محبوب، ولا تحوّله المفاجئ إلى رمز للانقسام خلال واحدة من أكثر المراحل دموية في تاريخ صيدا الحديث.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|